الشفعة في العقار المحفظ التعريف بالقانون وتقسيماته حجية الحكم القضائي القانون رقم 81.14 المغيير والمتمم للكتاب الخامس المتعلق بإجراءات الوقاية والمعالجة من الصعوبات

"الربيع العربي" بين حركة المطالب و حركة المصالح المشتركة

أترك تعليقا
بعد حركات ما أصبح يعرف ب "الربيع العربي" و حمل الاسم حتى على المستوى الدلالي لما كان يعرف بربيع براغ أيام الحرب الباردة ، و لكن الفرق بين اللحظتين و إن كان الجامع بينهما اصطلاحا هو "الربيع" هو المكان الجغرافي أولا و كون "ربيع براغ" صوحب بما كان يصطلح عليه بالثورة البرتقالية و لو أنها قمعت بشدة بتدخل من الاتحاد السوفياتي لأنها عبرت و كانت تعبر عن صراع جيوسياسي و إقليمي في مرحلة الحرب الباردة ، لكن مجريات الأحداث في الوطن العربي عبرت على أن هناك لعبة كبرى و مؤامرة محبوكة ، لا نستثني منها حالة الاحتقان الشامل و الذي هو المعبر الطبيعي عن تردي الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و غياب الحريات كإحدى العوامل المفجرة لثورات "الربيع العربي" و التي لم يكن "البوعزيزي" فيها سوى المحرك فقط لحالة من الاحتقان الداخلي و النقمة على أنماط الحكم السائدة في البلدان العربية ، و لكن و في المقابل و باسم تصدير قيم الغرب الرأسمالي أو ما اصطلح على تسميته بالشرق الأوسط الجديد و إعادة رسم خريطة "سايكس بيكو" جديد ، و أمام الضربات الموجعة التي تلقاها الكيان الصهيوني في لبنان سواء في حرب تموز أو ما بعد حرب تموز ، بما قدمته هاته الحرب من صعود المحور المقاوم للمشروع الصهيوني الإمبريالي و ترابط كل ذلك بإنجاز مهام استنهاض الوضع العربي بما يحقق التوازن النفسي قبل توازن الرعب ، لرسم شرق أوسط مقاوم نقيض للشرق الأوسط المبشر به من طرف "كونداليزا رايس" .
إذن فمجريات الأحداث و إن كانت تجد لها مرجعا في واقع المعاناة الشاملة و القمع و التضييق على الحريات من طرف الأنظمة العربية ، إلا أنها و في المقابل شكلت مطية للغرب لإعادة صياغة لعبة الشطرنج ضمن الخريطة العربية بما يعيد إنتاج أشكال التبعية لهذا الغرب الرأسمالي الامبريالي ، و بما يحافظ على مصالح هذا الغرب ضمن هاته النقطة الجغرافية التي لم تعد تعترف بالصديق الدائم بل بالمصالح الدائمة ، و لإيقاف الأعمدة الأساسية للمشروع المقاوم اعتمادا على أدوات أمريكا في المنطقة و خاصة تركيا و قطر و السعودية ، بما يعزز و يقوي الحضور الصهيوني في المنطقة و يضعف كل إمكانية للتصدي لهذا المشروع الصهيو ـ أمريكي .
و لقد أظهرت النتائج و المحصلات صحة التحاليل التي قدمت من خلال التدخل المباشر للولايات المتحدة الأمريكية و الصهيونية و تركيا و قطر و السعودية و باقي دول الخليج في فرض أمر واقع جديد مفروض بقوة السلاح و المال و المرتزقة لخدمة هذا المشروع الصهيوني ، تدخلات لم تكن تؤمن لا بالحرية و لا بالحقوق و الدليل على ذلك هو صعود فكر كلياني ظلامي و خلق جو من التناحرات و الصراعات داخل الجسم العربي حتى بين الفصائل ذات التوجه الواحد لتصل الحالة العربية إلى أسوأ حالاتها ، و ليكون "الربيع" المبشر به أمريكيا و صهيونيا هو خريف فعلي على مصالح الشعوب و على الحريات و الديمقراطية ، ما دامت الحالة و في إطار المصالح لم تنتج سوى "داعش" و أشباهها من "النصرة" و هلم جرا من الأسماء التي غطت سماء مرتزقة الفتن العربية .
إن الوقائع في الأرض أبرزت أن هناك مخططا عالميا تقوده الولايات المتحدة الأمريكية و الصهيونية و بنسيج من تحالفات استراتيجية مع ما يسمى ب "الحركات الجهادية" لخدمة هذا المشروع بما يوضح و بما لا يدع مجالا للشك أن وهم و خرافة "بن لادن" و "برج التجارة العالمي" ما هي إلا لعبة رأسمالية ـ إمبريالية قدرة مرسومة من الولايات المتحدة الأمريكية لضرب الشعوب و إعطاء الذريعة الفعلية للتدخل و السيطرة على مصادر النفط في المنطقة ، و هو أمر لم يعد خفيا بل عرته مختلف وسائل الإعلام العالمية حول رصد مختلف الأجهزة الأمنية الأمريكية لحالة التهيء لضرب المركز و إغماض عينيها عن التدخل لإيقافها ، بما يعنيه كل هذا من ترابط المصالح الأمريكية و الصهيونية مع مصالح التشدد و التطرف باسم الإسلام و خدمة كل طرف للطرف الآخر انطلاقا من هذا التلازم في المصالح .
ربما قد يتبادر إلى الذهن لماذا الرجوع إلى هاته الأحداث بعد أن أصبحت معلومة و نتائجها في الأرض توضحت مع قيام المشروع الداعشي الممول غربيا و خليجيا و إعلان التنظيم عن إقامة ما سماه "الخلافة" و دعوة زعيمه المسلمين للهجرة إلى هاته الخلافة ، فيما يشبه نكثة طريفة تقف الأنظمة العربية و الغرب الرأسمالي متفرجين على خيوطها المحبوكة و نسيجها الدرامي المتقن و هم الذين تتحرك شواريبهم إن اشتم في مدشر رائحة رصاص فردي فكيف و الحال أن تنظيما يعلن إقامة الخلافة بما تعنيه من هز عروش الأنظمة ، و مع ذلك لا نجد إلا التفرج على الوضع أو دعمه كما فعلت مجموعة من الأنظمة العربية ، كذبة محبوكة الصياغة تبين بالملموس أن المشاريع الإسلاموية من "داعش" إلى "النصرة" إلى "أحرار الشام" إلى "القاعدة في الغرب الإسلامي" ... ما هي إلا مسميات تمت المصادقة على ميلادها في المكاتب المغلقة للدوائر الرسمية الغربية و خاصة بين واشنطن و نيويورك ، و ما يزيد الوضع جلاء هو حالة التباين بين التدخل الفرنسي العنيف في مالي باسم محاربة التشدد و التطرف و بين وقوف الغرب الإمبريالي متفرجا على انتشار و اتساع دائرة التطرف في منطقة الشرق الأوسط ، تناقض لا يحيل إلا لحقيقة واحدة ألا و هي وجود حالة من الزواج بين التطرف و الرأسمالية و الإمبريالية و الصهيونية و خدامهم لفك شيفرة الأزمة الاقتصادية العالمية على حساب الشعوب العربية في تطبيق فعلي لنظرية "مالتوف" حول إشعال الحروب و الفتن و القتل كوسيلة لحل الأزمات و التي تطبق حاليا فعليا في المنطقة العربية .
في الحالة المغربية و بعد مسار ولادة "حركة 20 فبراير" و ما تلا كل ذلك من خروج للتظاهر و رفع شعارات مرتبطة بالحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية و التي ساهمت فيها عدة قوى يسارية و يسارية متطرفة و يمينية متطرفة ، مسيرة أعطت الكثير للتجربة المغربية في مجال بناء مغرب جديد فعلي ، لعل من ثماره و لو على علاته التصديق على دستور 2011 ، حركة أفرزت صعودا "إسلاميا" من خارج وقائع "الربيع" الشرقي ، لتخرج بعدها "جماعة العدل و الإحسان" و تغادر معترك حركة "20 فبراير" سنة 2011 بمبررات واهية ، قلنا لحظتها أنها لن تقنع حتى منتسبي الجماعة ، خروج كان له تأثير سابي و فعلي على مسار تطور الحركة ، الأكيد أنه كان نتيجة اتفاق بين أطراف عدة برعاية السفارة الأمريكية في المغرب و عقب اللقاء الذي تمن بين كل من "أرسلان" الناطق الرسمي باسم الجماعة و السفير الأمريكي بالرباط ، و ما تلا كل ذلك من إعلان خروج الجماعة من حركة "20 فبراير" لتسقط بذلك كل الذرائع المقدمة و التي لا تعبر إلا عن حقيقة واحدة و هي اندراج هذا الدخول و الخروج ضمن أجندة المناورة بين الجماعة و اللاعبين الآخرين و ضمن توليفة المشروع الغربي الرأسمالي ـ الامبريالي و الذي ستوضحه الأيام المقبلة خاصة بعد الحديث الذي أصبح يروج داخل دواليب الجماعة حول شروط تحول الجماعة إلى حزب سياسي و هو الوارد طبعا ، و لعل تصريح "فتح الله أرسلان" الناطق الرسمي باسم الجماعة  و الذي قال فيه "كنا واعيين أن "20 فبراير" لن تحقق كل شيء وقررنا دعمها لرفع مستوى المطالب وخطتنا كانت واضحة من الدخول إلى الخروج ، وخرجنا بعد اقتناعنا أنها حققت كل ما بوسعها أن تحققه" ليضيف في مبررات واهية لليس لها أي سند فعلي و تتعارض مع طروحات الجماعة في مرحلتها الأولى حيث يقول "انسحبنا من"20 فبراير" بعدما بدا الخروج في مسيراتها روتينيا ، ودرسنا التصعيد الذي كان سيعني الاعتصامات والعنف وسنتحمل 80 من الحضور واللوجستيك والضحايا وما دام مبدئنا ضد العنف ، توقفنا وكان الانسحاب" ، أو من خلال تأكيد "عبد الواحد المتوكل" رئيس الدائرة السياسية ل "جماعة العدل و الإحسان"  حول إمكانية تحول الجماعة إلى حزب سياسي حيث قال "لسنا نحن من لا يريد تأسيس حزب ، بل الدولة هي من ترفضنا " وزاد "من يضمن لي الترخيص بحزب للجماعة دون شروط غير معلنة أنا مستعد للذهاب معه من الآن".
إذن فمجريات الأحداث أصبحت جلية و لا غبار عليها بأن "الدين" و تسخيره و الاختباء تحت عباءته هو أمر أصبح واضحا للتغطية على مصالح مشتركة بين أنظمة عربية مهادنة و محافظة على مصالح الغرب الصهيوني و الصهيونية و الرأسمالية ـ الإمبريالية ضامنة استقرار توازنات هذا المحور الإسلاموي و المدافعة عنه في كل المحافل الدولية و الممولة له عسكريا و سياسيا و إعلاميا و لوجستيكيا ، لتتوضح الحقيقة الأساسية أن حراك الشعوب لا يمكن أن يكون إلا من الارتباط اليومي بمعاناة الشعوب العربية اليومية و التعبير عن آمالها في الانعتاق و التحرر و البناء المجتمعي القائم على العدل و المساواة و الكرامة و العدالة الاجتماعية و في استقلال تام عن كافة دوائر التبعية للرأسمالية و الصهيونية العالمية أي باعتباره أن التحرر الاقتصادي و الاجتماعي مترابط مع التحرر الوطني في بناء دولة الغد و المؤسسات .
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق